نواكشوط – أصداء:
بغض النظر عن آراء الموالين والمخالفين، وعما خلفه سيدي أحمد ولد محمد من رصيد سالب أو موجب خلال إدارته للقطاعات الحكومية التي مر عليها وعلى رأسها الإسكان، فقد أثبت هذا الرجل أنه ذو كارزمية قوية ولسان طلق في تبرير السياسات الحكومية، والدفع بها ليبتلعها الرأي العام ولو بأشواكها.
ولعل ميزة طلاقة اللسان هي التي جعلت الرئيس الغزواني يسند لولد محمد مهمة إدارة الحملة الانتخابية لينقله بعد ذلك لإدارة حزب الإنصاف، مع أن الكثيرين يرون في تولي ولد محمد رئاسة الإنصاف "تعويض توازني خفي للمجموعة التي كانت تتولى رئاسة الوزراء".
واستهل ولد محمد أمس أول نشاط له بعد انتخابه أو "تعيينه"، كما يقول الخصوم، رئيسا للإنصاف، بعقده دورة سماها الحزب في إيجازه "جلسة استثنائية" للمكتب التنفيذي؛ وواضح أن "طابع الاستثناء" الذي أضفي على الدورة يشير إلى أن ولد محمد سيعمل على رأس الإنصاف في ظل نوع من "حالة الطوارئ"، تستدعيه المرحلة ويتطلبه نجاحه بعد أن وُضِع على المحك.
وقد رسم ولد محمد خلال الاجتماع المذكور، أجندة من ثلاث نقاط أولاها تفعيل هيئت الحزب وقواعده لتضطلع بمهامها الحزبية التقليدية، والثانية مؤازرة للحكومة وتطبيقا لبرنامج الرئيس الغزواني "طموحي للوطن"، والأخيرة هي تنوير الرأي العام حول ما تحقق من "إنجازات كبيرة" في المأمورية الماضية.
فهل سيتمكن ولد محمد من جعل حزب الإنصاف حزبا آخر غير الذي كان عليه هذا الكشكول السياسي الكبير أو "حزب الدولة" كما يسميه البعض، خلال رئاستي سلفييه ولد الطالب أعمر وولد أييه؟
في العادة ينضم الكثيرون للحزب الحاكم من أجل إظهار الولاء أو للحصول على فرص في الحكومة (تعيينات أو صفقات)؛ وقد كان لرؤساء الإنصاف من قبل القدرة على القيام بوساطات من هذا القبيل مستفيدين من ضعف رؤساء الوزراء السابقين؛ فهل ستكون قوة ولد انجاي الوزير الأول الجديد كابحة لرئيس الإنصاف الجديد، بالنظر إلى أن المعروف عن ولد أجاي هو تقديره للكفاءة الفنية أكثر من تقديره للكفاءة السياسية المجردة؟
والسؤال المطروح الآخر هو كيف سيقضي ولد محمد وهو مدير الحملة والشاهد الأول على ما جرى فيها، الديون الحالة التي يطالب بها من ساندوا الرئيس في الانتخابات الأخيرة والذين لم يجدوا بعد مكانتهم في موجة التعيينات التي ظهرت حتى الآن؟
أسئلة كثيرة من أخرى يطرحها مراقبو هذا الشأن ولعل أجوبتها ستظهر عندما تكشف الأيام قريبا عن الطرق التي ستقسم بها كعكة المأمورية الثانية التي ينتظر الكثيرون هنا وهناك قضمة أو قطعة منها، فهي مع كونها المأمورية الثانية فهي كذلك المأمورية الدستورية الأخيرة، أي مأمورية الوداع.
هل ستختلف رئاسة ولد محمد للإنصاف عن رئاسات سابقيه؟
