نواكشوط – أصداء،
جاء قرار وزارة التعليم العالي بحصر الابتعاث الخارجي على طلبة الماستر والدكتوراه وتوجيه الناجحين في البكلوريا إلى الجامعات الحكومية المحلية مفاجئا لذا أثار ويثير جدلاً واسعًا، خاصة بين أوائل طلاب البكلوريا، وذويهم ممن كانوا يتوقعون استثناءهم منه.
وقدمت الوزارة في بيانها الذي تضمن القرار مبررات، منها "تمكن تعليمنا العالي من الاستيعاب الكلي للناجحين في الباكالوريا بعد أن وصلت نسبة الاستيعاب إلى 98.5% في السنة الجامعية الماضية"؛ ومن هذه المبررات الرفع المُنْجزُ من فعالية وجودة مخرجات التعليم العالي؛ ومنها زيادة عدد مؤسسات التعليم العالي وقدرتها الاستيعابية وتنويع عروض التكوين فيها وتحسين الظروف الدراسية للطلاب وتعزيز فرص تشغيل الخريجين".
وحظي قرار الوزارة باستحسان لدى البعض ممن رأى أن تعزيز الجامعات المحلية وتحفيز الطلاب للدراسة فيها قد يكون خطوة استراتيجية لبناء نظام تعليميا مؤطر ذاتيًا، كما أنه قد يوفر الموارد المالية، ويساهم في تحسين الجودة المحلية في التعليم العالي؛ إلا أن هذا قرار الانتقال من فتح باب الابتعاث لحصره، يتطلب توفير البنية التحتية الأكاديمية الكافية وضمان جودة التعليم في تلك المؤسسات المحلية لتلبية تطلعات الطلاب الأكفاء.
وفي مقابل هذا، يرى المعترضون على القرار أن التعليم في الخارج يوفر فرصًا أكاديمية أعلى، خاصة في تخصصات معينة مثل الطب والهندسة وتكنولوجيا المعلومات، حيث تعتبر الجامعات العالمية ذات مستوى أكاديمي رفيع وتجهيزات متطورة، مما يساهم في بناء مستقبل أكاديمي قوي لهؤلاء الطلاب، ويضمن للبلد الحصول على كوادر عالية التخصص.
وتساءل خبراء في هذا الشأن عما إذا كان قرار وزارة التعليم العالي بحصر الابتعاث الخارجي قد سبقه التحضير الكافي من حيث اكتتاب الأساتذة وتجهيز الجامعات المحلية لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة.
وبرى هؤلاء أن الافتقار إلى التخطيط المسبق يعزز من المخاوف لدى الطلاب وأولياء الأمور بشأن قدرة الجامعات المحلية على توفير تعليم عالي الجودة يضاهي ما يمكن الحصول عليه في الخارج.
ومهما كان، فلا شك أن الوزارة توجد أمام تحدٍّ كبير وهو النجاح في تنفيذ ناجح ومحكم لهذا القرار الذي سيوضع على المحك خلال السنة الدراسية المقبلة.
ولعل الحل الوسط يكمن في الاحتفاظ بفرص محدودة للابتعاث الخارجي في التخصصات التي لا تتوفر لها برامج قوية في الجامعات المحلية، مع العمل على تطوير وتحسين التعليم الجامعي المحلي إلى أن يصبح منافسًا عالميا حقيقيًا.