تعريب الإدارة الموريتانية: خطوة للأمام وخطوتان للوراء!!

نواكشوط – أصداء،
ما يزال تعريب الإدارة الموريتانية يراوح مكانه رغم ما تؤكده الأنظمة المتعاقبة على الحكم من حرص على إنجاز ذلك، ورغم الضغوط التي تمارسها المنظمات الأهلية غير الحكومية لدفع الحكومة نحو اتخاذ قرار حاسم في قضية التعريب.
ولاقت تصريحات أدلى بها سيدي أحمد ولد ابوه وزير الاقتصاد والمالية الجديد قبل يومين ترحيبا واسعا داخل الأوساط المحلية المطالبة بالتعريب، وذلك لكون قطاع الاقتصاد والمالية الذي يقوده الوزير، هو أكثر القطاعات تمسكا بالفرنسية وابتعادا عن التعريب.
فقد أكد الوزير الجديد في تعليق له على قضية تعريب الصفقات "الواقع أن الإجراءات أو غالبيتها في بعض الدوائر ما زالت تصدر بغير اللغة العربية، وهذا يتطلب جهدا مضاعفا من المسؤولين عن هذه الدوائر ومن المستخدمين أيضا بحيث أن المواكن الراغب في المشاركة في إحدى الصفقات يمكن أن يشترط عدم حيازته للملف إذا كان صادرا بلغة لا يفهمها".
وقال "من غير معقول أن مواطنا في بلده يتم فرض لغة أجنبية عليه لا تمكنه من الحصول على حقه الطبيعي، بإصدار الوثيقة المتعلقة بذلك الحق بلغة لا يتأتى له فهمها"، مضيفا "أنه لا يمكن منع أي أحد من المشاركة في صفقة عمومية لأنه لا يتحدث بلغة أجنبية، فاللغة العربية هي اللغة الرسمية".
وأوضح الوزير "أن الإشكال المطروح متعلق فقط بتمسك البعض بثقافة أجنبية منتشرة بشكل عرفي دون أن يكون لها مسوغ قانوني أو أصل دستوري"؛ مضيفا "أن هذه النقطة تضع كامل المسؤولية على الجميع، كل من موقعه، ليبذل الجميع جهدا في تغيير هذه الصورة غير المألوفة".
هذه التصريحات لاقت اهتماما كبيرا في المشهد المحلي حيث حيتها الحملة الشعبية للتمكين للغة العربية مؤكدة "أن هناك وزارات قطعت أشواطا كبيرة في مجال تعريب الوثائق والمراسلات، وهناك وزارات أخرى، هي الأكثر ـما تزال بعيدة جدا من تعريب وثائقها ومراسلاتها الإدارية، بل ويمكن القول بأنها ماتزال تشكل حصنا حصينا للغة الفرنسية مع تمكين الفرنسية من فرض سيطرتها في الإدارة الموريتانية".
وأضافت الحملة "أن وزارة الاقتصاد والمالية من الوزارات الأكثر تمسكا باللغة الفرنسية على حساب اللغة الرسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية"، منوهة بتصريح وزير الاقتصاد والمالية الذي قال فيه "بأن اعتماد اللغة الفرنسية في الإجراءات الإدارية لا أصل له دستوريا ولا قانونيا، وأن المسؤولية تقع على الجميع في بذل الجهود لتغيير هذه الوضعية غير الطبيعية".
المهم في كل هذا هو التأكيد هنا على أن تعريب الإدارة الموريتانية، خطوة أساسية لتقريب خدماتها من المواطنين وتيسير تعاملهم معها.
ويساهم استخدام اللغة العربية في تعزيز الانتماء الوطني وتسهيل التواصل بين المواطنين ومؤسسات الدولة، إضافة لكونه يمثل تطبيقًا للمادة 6 من الدستور، التي تنص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد، إلى جانب إسهامه في تعزيز الهوية الوطنية، وتقوية الروابط بين الدولة والمواطن، ولكونه يؤكد التزام الحكومة بتعزيز العدالة والمساواة بتسهيل الوصول إلى الخدمات العامة.
فمتى نرى توجها جادا نحو التعريب؟ ومتى نخرج في هذه القضية من حلقة التردد المفرغة بلازمتها الغريبة: خطوة للأمام وخطوتان للوراء؟